الأحد، ٧ فبراير ٢٠١٠

الرابط الخفي

كثيرا ما استهزأت بمن هاموا علي وجوههم قائلين " هذه الفتاة .. أنا متعلق بها " و لطالما ضحكت منهم و عليهم و لهم فلم يستطيع عقلي تصور المعني و فهم اسراره, فكيف لرجل أعطاه الله القلب الشجاع و النفس العزيزة و وهبه من القوي ما يكفي ليحمي نفسه و ما له و من له ,كيف له أن يتعلق بفتاه هي في الحقيقة في أشد الحاجة لمن تتعلق به؟!! , كيف يتعلق المنقذ بالغريق فيلتهمهما البحر معا, و كيف تتعلق الماء بالعطشي و كيف تتعلق السماء بالأرض ؟؟!

كنت أتصور قائلها و كأنه طفل يتيم يبحث عن أم بديله ترعاه و تحميه و تؤمن له المأكل و المسكن و تعاقبه إن اخطأ و تكافئه إن أصاب .. فهو ليس برجل بل هو طفل كبير ..

كان ما كان حتي اختبرت الشعور بنفسي إلا أنني لا أظن الكثير رأوه كما رأيته..
الأقطاب المغناطيسية في تجاذب دائم فمتي اقترب الشمالي من الجنوبي تجاذبا و لا يمكن في الواقع أن نحدد اتجاه القوي بينهما و لا نعرف من جذب من و من تعلق بمن, و لكنها قوة بإرادة الله و حكمته, و هذا ما اختبرته .. أن تشعر دائما أن هناك صله بينك و بينها قوة خفيه تجذبك و مداها يشمل الكون كله .. تشعر أنت و كأنك التابع و أحيانا القائد و تشعر هي بالأمر كما تشعره انت أحيانا في تبعيه و أحيانا اخري في قياده و لكن الحقيقة أن الرابط الخفي هو من صنع الودود.

الخميس، ٢٨ يناير ٢٠١٠

عودة الي الفطرة الأولي

سؤال قد يكون الأبعد عن الذهن و الأقرب إلي العقل, فيوميا نسأل انفسنا - سواء ان كنا نشعر أو لا نشعر - هل أنا جائع ؟؟ هل أنا عطش ؟؟ مستريح ؟ مطمئن ؟ متعب ؟ و أسئلة أخري لن نحصرها .. و لكن السؤال الذي نادرا ما نسأله لأنفسنا هو .. هل أنا صادق؟

قد نفكر طويلا لنجد أننا قد كذبنا مرة أو مرتان أو ألف مرة طوال حياتنا, و لكن الحقيقة أن لحظات الصدق قد تكون منعدمة, فهي في الحقيقة نادرة الحدوث, و تغنينا لحظة صدق واحدة عن أعوام من أعمارنا عشناها في زيف.
تظن واهما أنك صادق طوال الوقت, و لكن الحقيقة أنك تكذب بمجرد أن تستيقظ من نومك, فصباح الخير التي تلقيها علي أهلك بحكم العادة هي ليست بصدق فأنت لا تتمني لهم الخير حقيقه وقتما قلتها بالتحديد.
و السلام عليكم التي ترد بها علي الهاتف ليست بصدق.
و صلاتك بينما تفكر في ألف شيء اخر ليست بصدق.
ابتسامتك في وجه رب عملك - أو أستاذك الجامعي - ليست بصدق.
و أكبر شبكة من الأكاذيب تجدها في الحب, فالقليل القليل من مشاعر الحب هي الصادقة و القليل من أفعال الأحباء هي الصادقة, فهذا الشعور الملعون هو الأكثر عرضه للأكاذيب, و الأسوأ من ذلك أنك تكذب و انت لا تعلم اطلاقا انك تكذب و تتوهم انك صادق حقيقي و أن مشاعرك و أفعالك خالصة و نابعة من ينبوع المحبة النقي.

يقول المفكر الهندي وحيد الدين خان
اذا كان الظمأ للماء يدل علي وجود الماء فالظمأ للعدل يدل علي وجود العدل
فلنتبعه قائلين أن الظمأ للحب يدل علي وجود الحب, فكما هي غريزه الجوع و العطش تكون غريزة الحب غريزة نقية لا شوائب فيها, و كما يعرف الإنسان - بالفطرة - كيف يشرب و يأكل فهو يعرف بالطبع كيف يحب صادقا من دون خزعبلات, و لكن للأسف ذلك الجزء النقي من الفطرة قد خالطته الشوائب و حجبت طبيعته و جعلته مسخا يؤذي من يحمله و من يحمل اليه .

تلك الشوائب نسمعها في أغنية لمطرب شاب - أو راحل - أو برنامج إذاعي عنه و النجوم و هواه و نراها في مشهد من مسلسل تلفزيوني أو فيلم سينيمائي و نشعر بها في رواية أدبية أو مدونة أو بريد الجمعة أو كلام و أفعال الذين سبقونا بالتأثر بهذه الأشياء ..
ألم تشعر يوما و أنت واقف في شباك حجرتك تتنهد شوقا إلى الحبيبة أن مشهدا من فيلما ما يمر بخاطرك و تشعر و كأنك أنت البطل ؟؟ ... ألم يحدث و قلت لها أنك تعيش حياة صعبة و أنها من تتحمل الحياة من أجلها, و بعدها تتذكر تلك الأغنية ؟ ... ألم يحدث ووعدتها و أشعلت لهيب قلبها فخرا بالفارس الذي وعد بتحطيم كل الأسوار لينالها خالصة له, ثم تتذكر تلك الرواية التي قد أنهيت قرائها منذ أيام ؟؟ ... ألم تشعر أنك دائما تعيش في رواية انت البطل فيها و أنت المنقذ و كل من حولها لصوص أشقياء يريدون النيل منها ؟؟

اذا نظرت في كل كلمه قلتها و كل فعل فعلته تجد أنك قد استعرتهم من ملايين قابلتهم في الحقيقة أو في عالم الفن و الأدب, و من أختبر ذلك أيضا و بعثره الزمن عند أكثر من فتاة تحبه تارة و تحب غيره تارة أخري, من اختبر ذلك يعرف تماما أن ما يراه عند هذه هو نفس ما يراه عند تلك و الاخريات .. فالكل يتبع نفس الوتيرة, الكل يعيش دور العاشق يسرح في خيالات و أوهام و أبيات شعر لا أول لها ولا اخر ..

هناك واحدة فقط تشعر معها باختلاف, هي فقط من تجعل صدرك يعلوا و يهبط من شدة الاحساس, و تجعل عقلك يمحوا كل ما فات و كأنه لم يكن فأنت ها هنا في حضرتها, تشعر بنفسك أنت بكل ما فيك من مزايا و عيوب, و لا تشعر بأنك تريد أن تخفي شيئا بل تبوح بكل الأسرار فتتجرد من ثياب الكلفة أمامها و لا تخجل من رؤيتها لك علي حقيقتك الكاملة .. و مع كل هذا تبقي الشوائب لتجبرك علي شعور ما ليس بك و اظهار ما ليس عندك و تنفعل انفعال الكذب و تتحمس حماسة الخداع, و لكن معها وحدها تعرف أنك لم تكن صادقا و مع الوقت تجد ما في نفسك و قاد استعاد نقائه و ظهر علي حقيقته.

سواء ان كنت قد وجدتها أم لم يحدث بعد فهناك ما يجب أن تفعله و هو أن تعود بكيانك كله إلي فطرتك الأولي فتشعر بما هو بداخلك حقا و تفعل الفعل الذي هو قلبك محركه .. عد إلى قلبك و اسأله و سوف يدلك علي كل شيء.

الثلاثاء، ٢٦ يناير ٢٠١٠

حبال القلق

بعضنا لا يشعر بوجوده و البعض الاخر يراه ماردا ضخما يسد عليه مجري حياته و يتغذى علي حريته ولا يشبع ابدا, فيفرض عليه قوانينا و أعرافا لا اساس لها في الوجود, و يخيل إليه أن هذا المارد الضخم هو الإله الأعظم الذي يمنعنه عن فعل كل ما هو خاطيء و اثم ..
هذا المارد الضخم ما هو الا القلق الذي يجعل من الانسان رداء بال لروح ضائعة, فكم منا أضاع من عمره الكثير و أضاع علي نفسه فرص للسعادة و الارتقاء و كل هذا بسبب القلق .

من يتوقف قليلا ليسأل نفسه باحثا عن حقيقة شعور القلق بداخلة قد يصل لإجابة مضلله و هي " ليس بي من القلق شيء " و في بعض الأحيان مع الاستغراق في التفكير قد تبدأ بعض الأفكار القلقة في التسرب إليه فيجد نفسه يتذكر هذا الامتحان الذي سيخوضه بعد أسابيع و تلك الفتاة الذي يريد أن يتزوجها و هذا الوهن الذي بدأ يظهر علي وجه أبيه و مصاريف دراسته و ما قاله له أحد الأصدقاء منذ عدده أيام عن سوء الأحوال المعيشية بعد التخرج و ملايين مثل هذه الأفكار, و قد يدور العقل و ينقلب علي نفسه فيتذكر كم هو غير مقبول عند معظم الناس, فهم بالطبع يضحكون في وجهه لمجاملته و كيف هو هين عندهم حتي و إن كانوا يدعون حبه فهم بالأحرى متملقين أو مشفقين و يدور و يدور حتي يصاب بالأرهاق و يسقط مغشيا عليه فيمشي بين الناس متخفيا و كأنه غير موجود و يعيش في هاله من العزله و الوحدة.

هذه الوحدة تشده للوراء دائما, فهو يشعر بالخوف ولا يعرف من ماذا و يشعر بالتمني ولا يعرف ماذا يتمني و ينتظر شيئا لا يعرف عنه أي شيء ولا يعرف ماهيته, يمشي هائما علي وجهه يتعلق بكل ما يجده أمامه فيعتمد علي أبويه في كل شيء ثم يسلم الأمور كلها لأخيه الأكبر فيطلب منه أن يحل محله دائما و يمده دائما بالآراء ثم يتقرب منه صديقا ما فيتبعه و يظل يتنقل من شخص الي اخر حتي يجد نفسه لم يحقق أي شيء لانه في الأصل لا يعرف ماذا يريد بالتحديد, هو قلق من كل ما حوله.

من قرأ كتاب - الأحلام - للدكتور مصطفي محمود وجد في مقدمته حديثا عن الشهوة الغامضة التي تتاكل الإنسان, تلك الشهوة الخطرة هي شهوة العقيدة, فالإنسان في بحث دائم عن شيء يصدقه و يؤمن به, قد يؤمن بحجر و صنم تارة أو تعويذة و حجاب تارة أخري و قد يؤمن بقائد أو والي أو درويش أهبل, كل هذا في سبيل هذه الشهوة الخطرة.

سر القلق - كما يراه الدكتور مصطفي محمود - هو أننا نعيش بلا دين و بلا إيمان, و أحلله بنفسي كما حلله هو فأري الناس كلما تعلقوا بشيء قوي زادهم قوه و ثقه بالنفس و راحه, و كلما تدنوا في اختيار معتقداتهم ازدادوا ضعفا فوق ضعفهم, فمن يعتمد علي أبويه أو أخوته أو أصدقائه أو عائلته أو زوجه أو والي امن به أو صنم يتعبد بين يديه ليل نهار أو تعويذه و حجاب يتمسك بهما, من يعتمد علي شيء ضعيف زائل لا يجد في نفسه إلا الضعف و الزوال.

هذا من الناحية الروحانية, و أما عن الفعل و العمل, نجدنا دائما مربوطون بحبال القلق تمنعنا من الحركة و نتهرب منها بالتصورات و التخيلات و أحلام اليقظة, فنجد الرجل إذا أحب امرأة يعلق صورتها في أطار زخرفته الخيال و الأحلام و يزداد تعلقه بالصورة التي يضيف عليها تفاصيل اخري غير التي هي عليه فيزيدها جمالا و اشراقا و ما هذا الا وهم و هروب و ما توابعه الا الصدمة العنيفة مع واقع الأمور.

لنتخلص من تلك القيود علينا أولا أن نفسهم أنفسنا و نعرف ما نحن قادرون عليه و ماذا نريد بالتحديد, ثانيا نتخلص من تلك الخيالات و التصورات التي ليس لها أي ارتباط بالواقع فنري الأمور علي حقيقتها, و أخيرا بأن نلقي بأنفسنا في شعور جديد و أحاسيس و تجارب جديدة و بذلك نقطع حبال القلق من أوصالها و نتحرر منها فتتسارع خطواتنا إلى الأمام.

حقيقة الحب

في فترة من فترات حياتنا - قد تطول و قد تقصر - ينموا بداخلنا تساؤل ملح يؤرق ليالينا و يسلب عقولنا و يدفعنا للخروج من انفسنا و الوقوف في الفراغ بحثا عن إجابة.
و السؤال عن حقيقة الحب, ما هو ذلك الشعور القوي الذي يتملكنا فيجعلنا ننخرط في صراع جهنمي مع الواقع تكون احداثه دامية و خسائره فادحة.

للنظر في أمر هذا السؤال بحثا عن اجابه, يتوجب علينا الخروج من انفسنا, فمع اعتقادنا - الذي لا شك فيه - بأن الحب شعور داخلي, لا يعقل ان نعتقد اننا قادرون علي فهمه و نحن نعيش بداخله كما كوكب الأرض لا يمكننا رصده الا من الخارج.

اتفقنا الان علي ان نخرج من أنفسنا.. فلنسألها .. لماذا تعتقدين ايتها النفس انك تحبين هذه الفتاة ؟؟! ........ صمت لا يقطعه سوي صوت دقات الساعة في الفراغ, اذا النفس وحدها لم تستطع الاجابة علي السؤال فلنلحق بها العقل و لنسألهما معا .. في هذه الحاله قد تبدأ في الاستماع الي بعض الاجابات و لكنها بارده لا حرارة فيها ولا معاني و علي الأغلب لن تؤمن بها.. فماذا لو جمعنا النفس و العقل و الجسد .. فلننظر ماذا يمكننا أن نسمع من إجابات.

إذا تكلم الجسد فهو لن يخرج عن حوض أسمنتي مغلق مملوء بالحاجات الحيوانية الطبيعية و قد يذكر بعض ما نسميها نحن المشاعر و يعرفها هو بالهرمونات و الإشارات العصبية التي تنتقل من الاطراف في لمسه يد أو قبلة خاطفة.

ان لم تكن من مدمني المخدرات و الكحوليات و من هؤلاء الذين لا يعلوا عندهم صوت العقل علي رغباتهم الحيوانية, ان لم تكن منهم فلن تكفيك اجابات الجسد ابدا .. فلنستمع الي صوت العقل.

بعد حديثا مطولا عن الفتاة و كيف أنها الأصلح لتكون زوجة و أم نجده ينهي عباراته بالصمت الطويل ثم يستطرد في سرد وقائع الأمور التي دائما و أبدا ما تخفي عنا جميعا.

بعضنا قد يخبرة عقلة ان مشاعرة ما هي الا تعبير عن عقدة نفسية أو نقص, فكم من رجل أراد تعذيب حبيبته إن كان ساديا أو أخضع نفسه لها ان كان ماسوشيا, كم من رجل قال " هذه المرأة .. اني احبها .. اعبدها .. لا اتخيل حياتي من دونها .. اشعر بالضياع و الموت كلما تخيلت انها قد تضيع مني " .. و ليس هذا كله الا نقص و عيوب في الشخصية يتهرب منها الرجل فيتعلق بحبيبه تعلق الجنين برحم امه أو يعذبها كمن يستلذ الألم و المعاناة لنفسه فقط ليسد هذا النقص و يتهرب من الاعتراف بهذا العيب.

البعض الاخر قد يدله عقله أن حبه ما هو الا شطارة و تكتيك, فالمعروف أن الرجل لا يحب الهزيمة و أن ما به من قوة و عقل تدفعه دائما للتحايل علي الكون لينال ما يريد.
تجد الرجل يضحي بسلامته ملقيا نفسه في الهلاك من أجل أن ينال مراده في سباق غير منظم علي طريق سريع, و نجده يتخلي عن المروءه و الشهامة ليحصل عي مكان متقدم في طابور أو مقعد شاغر في عربة .. مثل هذا كمثل الرجل الذي وضع حبيبته أمام عينيه كأنها هدف يبذل ما في وسعه لينالها, فيضحي تضحيات قد يفهمها الاثنان علي انها بدافع الحب و لكن في حقيقة الأمر ما هي الا تكتيك و تخطيط و فهلوة.

و هناك من يجيبها عقلها أنها ما هي الا باحثة عن لقب الحبيبة للتباهي به و تعلقه قلادة فخر علي رقبتها, و أخري تبحث عن من يزيد ثقتها بنفسها, و تجد امرأة تعرض قلبها للبيع في مزاد علني يفوز به من يفوز و تكسب هي بيت و أسرة و استقرار .. و أما التافهة هي من تبحث عن سعادة وقتيه تشعر بها في كلمة وجهت إليها أو لمسة يد خاطفة ممن تطلق عليه حبيبها .. و أخري تنفذ عما بداخلها من مشاعر أمومة مع رجل يقال عنه حبيبها, و بعض أخريات يرونها شفقة علي من أحبهن و تعلق قلبه بهن.

اذا استمعنا الي العقل في هذا الأمر لن نجد ما يسرنا, و اذا حدث أن وجدنا عقلنا مليء بمثل هذه الاستنتاجات فلنتأكد أن ما بداخلنا ليس حبا و انما هو زيف و سراب يظهره لنا عقلنا ليخفي ما في باطنه.

اذا فأين الاجابه ؟؟؟
تفكر قليلا فتجد الاجابه واضحه .. فما الحب الحقيقي الا الصدق و معايشة تجربة عاطفية بمكاسبها و خسائرها, ما هو الا طوفان من المشاعر التي زرع الله بزرتها و رعاها حتي تملأ نفسا فتتملكها و كأنما هي إشارة من الخالق إلى شيء جميل, مثلها كمثل نور الشمس يشير إلي الزهور فتجذبنا بجمالها و إلى الكون فيرينا اعجاز الخالق في كل ناحيه فيه .. هذه الاشارة لا نشعر بها علي حقيقتها الا اذا تخلصنا من التهابات و حروق الماضي و تصالحنا مع انفسنا فنجد ما هو فعلا يسري فيها و عند ذلك يكفيك ان تسأل نفسك فتجيبك, و ما العقل الا متمم لسير هذا الطوفان و داعيا لفهم حقيقته, و لا ينبغي للعقل أن يخنق مجري السيل فتجد نفسك صلبه لا تعبر عما بداخلها, فكم من حبيبين تحابا من الداخل من دون ان يتبادلا كلمة أو نظرة أو تعبير صريح عما بداخلهما, و إذا تكلما فهما يتطرقان للحديث في كل موضوع إلا ما يشغلهما حقا .. و مثل هذا الحب يولد مخنوقا و يموت غريقا و ينتهي أمر الاثنين بزواج تقليدي في مزادات علنية أو خفية.

و كذلك لا ينبغي للنفس أن تتحدي الوقائع و ظروف المجتمع و لا ينبغي أن تتجاهلها, و تجد الحبيبين قد وصلا الي مرحلة المستحيل حيث يصطدم الحب بوقائع الحياة و فروضها.

اذا فالحل في سقوط الكلفة و تكاشف الحبيبين بخبايا نفسيهما و لتكن هذه الخطوة الأولي التي تسبق التفكير في اختيار الأزواج ..
و أما عن الزواج فله كلام اخر..

الاثنين، ٢٥ يناير ٢٠١٠

الاسلام و المرأة

في كتاب ( حوار مع صديقي الملحد ) للدكتور مصطفي محمود ورد فصل كامل ليناقش قضايا المرأة و كيف يتناول امورها الدين الاسلامي و شرائعه, و اجدني اعترف بان بعض ما ذكر عن المرأة في هذا الكتاب أصابني بالدهشة و الذي ساعدني علي تصديق ما قرأته هو استدلال الدكتور مصطفي محمود بايات قرانية كانت تمر علي و انا لا افهم معانيها ولا الغرض منها.

قد نتعجب احيانا من تشريع الاسلام لتعدد الزوجات و قد سمعت كثيرا و قرأت عن انتقادات الغرب لهذا التشريع و اتهامه بانه يقلل من شأن المرأة, و معرفتي برأي الدكتور مصطفي محمود جعلتني ملما بمغزي هذا التشريع و الغرض منه .. فقد كان العرب و العجم في ايام الجاهلية يتزوجون بلا حساب فما كان من امر الاسلام الا ان قنن هذا السلوك و مع ذلك جعله اباحه شبه معطله فقد شرط شرطا صعب تنفيذه اذ قال الله في كتابه " و ان خفتم الا تعدلوا فواحده " و قال عز و جل في موقع اخر " و لن تستطيعوا ان تعدلوا بين النساء ولو حرصتم " .

و أما عن الإقامة في البيوت نجد ان الله عز و جل اشار الي ان الوضع الأمثل للمرأة هو أن تكون أما و ربه بيت فقال "و قرن في بيوتكن" و كان الأمر لنساء النبي باعتبارهم المثل الأعلي لنساء المسلمين و بين المثل و الممكن و الواقع درجات متعددة .
و مع ذلك لم يمنع الاسلام المقتضيات التي تدعو المرأة الي الخروج و العمل في كفاح شريف مع زوجها, و كان في الاسلام فقيهات و شاعرات و كانت نساء النبي تخرج معه في غزواته. كما عهد الله للرجل امانة التعمير و البناء جعل للمرأة امانه تنشئه الانسان نفسه.

و اما عن معامله الرجل لزوجته, احتفظ الاسلام للمرأة حق التصرف في املاكها و جعل بين الرجل و زوجته موده و رحمه هذا ان كانت زوجة صالحة, و اما عن قوله عز و جل " و اهجروهن في المضاجع و اضربوهن " فهو لمعامله المرأة الناشز فقط.

و في النهاية يذكر الدكتور مصطفي محمود قول الرسول عليه الصلاة و السلام "حبب الي من دنياكم الطيب و النساء .. و جعلت قرة عيني في الصلاة"

الأحد، ٢٤ يناير ٢٠١٠

مجال حرية الانسان

في كتاب ( حوار مع صديقي الملحد ) للدكتور مصطفي محمود اجتذبتني فكرة قد طرحها في سياق حواره عن القضاء و القدر و تحديده لمجال حرية الانسان و علاقتها بالمشيئه الالهيه ..

يقول
اذا كان الانسان يتحرك في فراغ بلا مقاومة لا يكون حرا بالمعني المفهوم للحرية لأنه لن يكون هناك عقبات ليتغلب عليها

المنطق يقول انه لولا النقيض لما عرفنا الشيء نفسه, فلولا الحزن لما ميزنا الفرح ولولا المرض لما ميزنا الصحه, و في نفس السياق لولا العقبات و الموانع لما عرفنا الحرية وما ميزناها و لم نكن لنستمتع بمذاقها عند تخطي تلك العقبات.

و يقول أبو حامد الغزالي - عالم و فقيه و متصوف اسلامي - :
الانسان مخير فيما يعلم ..
مسير فيما لا يعلم..

و بذلك كلما اتسع علم المرء اتسع مجال حريته, فبمعرفه الانسان لقوانين الحركه و الطفو و القوانين الميكانيكية و الكيمياء و دراسته لبقية العلوم الفزيائية و البايولوجية لما استطاع ان يتحرر من المسافات ليسافر في اقاصي الأرض و ما استطاع ان يتحرر من الجاذبية الارضية فيقدر علي الطيران و ما استطاع ان يعبر البحار و لا ان يتحرر من الامراض بالتداوي .. فالانسان يمكنه ان يزيد من مجال حريته بالتبحر في العلم.

و معني اتساع مجال الحرية يختلف عن معني الحرية نفسها, فاذا اشتمل مجال حريه انسان مثلا علي ان في استطاعته ادارة محرك السيارة و التحرك بها علي سرعات عاليه ليري محبوبته كلما اشتاق اليها و في دقائق معدوده, فهذا لا يعني انه حر في استراق النظرات اليها و لا يعني رؤيتها وقتما يشاء, و من هذا المثال يتضح انه مع اتساع مجال الحرية تبقي العواقب و الموانع التي يجب علي الانسان التغلب عليها لينال حريته.

القضاء و القدر

في كتاب ( حوار مع صديقي الملحد ) سئل العالم الكبير مصطفي محمود عن معني القضاء و القدر و كيف يقال أن الإنسان مخير و مع ذلك نؤمن بان كل شيء قضاء و قدر, فيرد عليه بما اشتمل معناه ما يلي:

الله جل و علي يقدر للإنسان من جنس نيته و يشاء له من جنس مشيئته و يريد له من جنس إرادته, فان أراد خيرا يقدر الله له الخير و إن أراد غير ذلك قدره الله له و أرادة له .. فيقول عز و جل " من كان يريد حرث الاخره نزد له في حرثه و من كان يريد حرث الدنيا نؤته منها " و يقول أيضأ " إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم " .

و معني هذا أن ألإنسان حر في أن يسلك الطريق الذي يريده, " فأما من اعطي و اتقي و صدق بالحسني فسنيسره لليسري, و أما من بخل و استغني و كذب بالحسني فسنيسره للعسري " و بذلك يكون علي العبد النية و علي الرب التمكين " و ما رميت إذ رميت و لكن الله رمي" .

و إذا تأملنا قليلا في أمور حياتنا - و لكل منا حسناته و اخطائه -, نجد أننا عندما نخطئ نشعر بالندم لفتره ثم إذا عاودتنا نفس الظروف نكرر اخطائنا و ذلك دليل علي أننا مهيئين لفعل هذا الخطأ و انه ما ننوي عليه دائما و ما نريده بمحض إرادتنا حتي و إن استعجبنا من تكرارنا لفعله فلا يعني هذا أننا مجبرين عليه, بل مثله مثل الحبيب عندما تمر محبوبته من أمام عينيه, بيده أن يختار الا ينظر إليها و لكن تدفعه نواياه و إرادته أن يتجه ببصره نحوها, و لكن إذا تدخل العقل و فرض المنطق قد يمنع نفسه أو يقننها.

و يقول العالم الكبير موضحا علم الله بافعالنا و انها مكتوبه و مقدره مسبقا, فيضرب مثلا بالرجل يعرف ان ابنه سيفعل الاثم المعين و حدث ان فعله فهذا لا يعني انه اجبره و لكنه كان تقديرا في العلم و قد اصاب علمه.

و استنادا لما سبق, فالإنسان مخير و له مجال واسع للحريه, و لكن يختلط علينا الأمر أحيانا فنتساءل كيف أننا مخيرون و لم يختر احد منا جنسه ولا شكله ولا طوله ولا اسمه, فيوضح لنا الدكتور مصطفي محمود اننا مخيرون فيما هو تكليف لنا و مساءلة, فلن يسأل الله عبده علن جنسه او شكله او اسمه بل يسأله علي أفعاله التي هو حر فيها فالإنسان حر في أن يقمع شهوته و يلجم غضبه و يقاوم نفسه فلا يسرق ولا يكذب و في هذا هو حر.

و الإنسان في داخله يعرف جيدا ما هو حر فيه و ما هو مجبر عليه فهو يستطيع أن يفرق بين حركه يديه و هو يرتعش من المرض و بين حركتها و هو يكتب خطابا, فالحركة في الحاله الأولي جبرية و في الحالة الثانية يفعلها بمحض إرادته .. و لو كان مسير في الحالتين لما استطاع التفرقة.

و قد جعل الله القلب و النيه عمده الاحكام, فالقلب هو اكبر مجال لحرية الإنسان, فلا يمكن تحت اي ضغط ان تجبر قلبك علي ان يحب كذا و يكره كذا حتي و ان أجبرت نفسك علي التصرف بما يوحي بعكس ما في قلبك فهذا لا يقلل من مجال حريه القلب.